الإنسولين هورمون ينظم استخدام الجسم للسكَّر والأغذية الأُخرى. ويُنتج في خلايا متخصصة في جزء من البنكرياس. وتسبب اضطرابات معينة ذات صلة بالإنسولين المرض المسمَّى الداء السكريَّ الذي يُدعى عادة السكري. وفي هذا المرض، لا يستطيع الجسم استخدام السكر بشكل صحيح ويتكاثر سكر العنب (جلوكوز) وهو نوع من السكر في الدم. انظر: البول السكري. ويؤثر الإنسولين أيضًا في استخدام الجسم للبروتين والدسم والمنتجات المعدنية، مثل البوتاسيوم والفوسفات.
كيف يعمل الإنسولين في الجسم. حين يُمتص الغذاء في مجرى الدم يزيد البنكرياس من إفراز الإنسولين في الدم، ويزيد الإنسولين سرعة حركة المغذِّيات من مجرى الدم إلى الخلايا المستهدفة التي تتمركز بشكل رئيسي في الكبد والعضلات والأنسجة الشحمية. وتستقر على الخلايا المستهدفة جزيئات بروتينية متخصصة تسمى مستقبلات الإنسولين، وتتماسك مستقبلات الإنسولين مع الإنسولين، مما ينشِّط المستقبلات. وتزيد المستقبلات المنشطة فوق الخلايا سرعة دخول المغذِّيات والانتفاع بها. ويُستخدم الجلوكوز وأنواع السكر البسيطة الأخرى، الناتجة عن هضم النشويات الأكثر تعقيدًا، لتوليد طاقة فورية، أو للتحوّل إلى جليكوجين من أجل التخزين. وتتحرك الحموض الأمينية الناتجة عن هضم البروتينات، إلى الخلايا، وهناك تشكل البنى الأساسية للبروتين. وتتحول الحموض الدهنية الناتجة عن هضم الدهون إلى شحوم ثلاثية، لتخزَّن وتُستخدم فيما بعد من أجل الطاقة.
السكري. يسبب نقص كمية الإنسولين في الجسم نوعًا من السكري يُسمَّى سكري الدرجة الأولى. وفي نوع من السكري أخف يسمَّى سكري الدرجة الثانية، يُنتج المريض عادة، كميات طبيعية من الإنسولين، ولكن الجسم لا ينتفع بالإنسولين بشكل صحيح. وهذا قد يحدث لأن المريض لديه عدد منخفض جدًا من مستقبلات الإنسولين، أو لديه مستقبلات معطوبة. وعند معظم المرضى، لا يُعرف سبب العطب. وعند بعض الناس، تنتج الأورام في جزر لانجرهانز كميات زائدة من الإنسولين، مما يؤدي بسكر الدم إلى الانخفاض إلى مستوى أدنى بكثير من الطبيعي، وهي حالة تسمى نقص جلوكوز الدم. انظر: نقص جلوكوز الدم.
وعند معالجة السكري، يُحقَن الإنسولين عادة تحت الجلد. وإذا أخذ الإنسولين بالفم فإن السوائل الهاضمة توقف فاعلية الهورمون. والمعالجة بالإنسولين لا تشفي من السكري، ولكنها تضبط المرض وتتيج للمريض أن يعيش حياة طبيعية تقريبًا. حتى أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، كان الإنسولين المُعدّ للسكري يُؤخذ بشكل رئيسي من بنكرياس الماشية والخنازير. واليوم يُنتج الإنسولين أيضًا بوساطة بكتيريا عولجت وراثيًا. انظر: الهندسة الوراثية.
ويمتص الجسم الإنسولين النقي بسرعة، وتأثيره يدوم وقتًا قصيرًا. وتصنع شركات الأدوية مستحضرات متعددة من الإنسولين من شأنها أن تطيل مدة تأثير الهورمون. وتُصنع مثل هذه المستحضرات، بالجمع بين الإنسولين والبروتينات، أو بتعديل البنية الكيميائية للهورمون. ومن أجل محاكاة نمط الجسم السوي في إفراز الإنسولين، يمكن لمرضى السكري أن يستخدموا أنواعاً مختلفة من الإنسولين، ويتعاطَوْها بين مرة وخمس مرات يوميًا. ويُزرع لبعض المرضى بالسكري مضخات للإنسولين تحت الجلد. وتُبرمَج المضخات لفرز الإنسولين في أوقات محددة.
نبذة تاريخية. تبين من خلال التجارب التشريحية التي أجريت على الكلاب سنة 1889م وجود مادة في البنكرياس تقوم بتنظيم السكر في الجسم، وقام بالتجارب الطبيبان الألمانيان أوسكار مينكوسكي وجوزيف فون ميرنج. وقام الباحثون في جامعة تورنتو وخاصة فريدريك بانتنج وتشارلز بست، وجون ماكلويد، وجيمس كوليب بعزل الإنسولين وتحضيره واستخدموه لأول مرة في معالجة مرضى داء البول السكري سنة 1922م. وقد استخرج الإنسولين بطريقة الهندسة الوراثية لأول مرة في الولايات المتحدة سنة 1978م