إقـبـال، الســير محمـد (1288-1355هـ، 1873 -1938م). السير محمد إقبال، عالم وفيلسوف وشاعر. كان يحث على الوحدة السياسية والروحية بين جميع الشعوب الإسلامية. وقد حاول إقبال أن يعيد صياغة الأفكار الأساسية للعقيدة الإسلامية باللغة الأكاديمية للعالم الحديث.
حياته المبكرة. وُلد محمد إقبال في مدينة سيالكوت في البنجاب. ودرس في الكلية الحكومية في لاهور، وتعلم الآداب العربية والفارسية. وقد كتب قصيدته الأولى بالأردية.
وبين عامي 1901 و1905م تعلم إقبال الإنجليزية والفلسفة الإسلامية في الكلية الحكومية بلاهور. وفي عام 1905م ألف كتابه الأول عن الاقتصاد. وخلال السنوات الثلاث التالية درس في المملكة المتحدة في جامعتي كمبردج ولندن، وكذلك في ميونيخ بألمانيا. وقد تخرَّج محاميًا وحاز درجة دكتوراه الفلسفة.
وبعد عودة إقبال إلى لاهور، اتخذ المحاماة مهنة له، إلا أن الشعر ظل هاجسه الحقيقي. وكتب قصائد تنشد على الملأ مقتفيًا طريقة الشعراء التقليديين.
حصل إقبال على شهرته الحقيقية بعد عام 1915م من خلال نشره قصيدة طويلة بالفارسية تحت عنوان أسرار النفس. وأعقبتها قصيدة مكمِّلة بعنوان أسرار انعدام النفس، ولكنها لم تُنشر إلا سنة 1953م بعد وفاته. وكانت قصائده هذه تدعو المسلمين إلى التضحية بالنفس في سبيل الأُخُوَّة والعدْل والخير الشامل للآخرين. وفي العشرينيات من القرن العشرين، أصدر إقبال مجلدات من الشعر بالفارسية أطول مما سبق. وظهرت درَّة قصائده أغنية الخلود عام 1932م.
أفكاره السياسية. يُعبِّر شعر إقبال من الناحية السياسية عن أفكاره في هذا الميدان. وقبل إقامته في أوروبا كان يساند فكرة القومية الهندية. ولكن بعد أن عرف أهداف هذه الحركة وأصولها، رفض شرور العرقية والروح الاستعمارية التي رآها فيها. وصارت جذوته القومية ترتكز على العقيدة والتاريخ والثقافة بدلاً من مجرد الارتكاز على الجغرافيا. وكذلك أدرك أن المجتمع الهندي كان شديد التمزق بسبب الدين، والتمييز الطبقي واللغة لدرجة لا يستطيع معها أن يعطي فرصة معقولة لنجاح القومية التقليدية. ومنذ عام 1910م، بدأ إقبال ينادي بتوحيد الشعوب الإسلامية على امتداد العالم، بغية استعادة الأمجاد الغابرة من خلال الإصلاح الفاعل.
وكانت الثلاثينيات من القرن العشرين سنوات حافلة بالنسبة لإقبال. فقد سافر إلى أوروبا والقدس وأفغانستان، ونشر مزيدًا من الأشعار. وفي عام 1930م ألقى إقبال الخطاب الرئاسي في الاجتماع السنوي للرابطة الإسلامية في الله أباد. وفي هذا الخطاب حث المسلمين في شمال غربي الهند ـ حيث كانوا يشكلون أغلبية السكان ـ على المطالبة باستقلالهم عن كل من بريطانيا والهند. وفي عام 1932م شارك إقبال في المؤتمر الثالث للمائدة المستديرة في لندن. وقد مهَّد هذا المؤتمر الطريق لصدور قانون حكومة الهند لعام 1935م الذي أتاح للهنود مشاركة أوسع في حياتهم السياسية الخاصة. وعام 1936م انتُخب إقبال رئيسًا للهيئة البرلمانية في البنجاب.
وبعد سنتين من وفاة إقبال، اقترعت الرابطة الإسلامية لصالح مبدئه ـ أمَّة جديدة تُسمَّى باكستان. وتعني باكستان بالأردية أرض الأطهار.